Table of Contents
يبدو اليوم أنه لا خيار أمام الشركات سوى الابتكار للاستمرار والنمو في عالمنا المعاصر، الذي يشهد تغيرات متلاحقة، إذ يسهم كلٌّ من العولمة وتغيّر توجهات المستهلكين والتقنيات التمكينية الجديدة في زعزعة الأعمال التجارية كما عرفناها، فبينما كان الفوز من نصيب الأكبر والأقوى والأكثر نفوذاً في الماضي، صار الفوز اليوم حليف الأكثر رشاقة ومرونة والأسرع استجابةً والأكثر قدرةً على الابتكار. ووفقاً لباتريك فورث، خبير التكنولوجيا في “بوسطن كونسلتينغ جروب” (Boston Consulting Group)، فإنّ غالبية الشركات المدرجة على قوائم “فورتشن 500” في هذا العقد ستختلف عن الشركات التي شهدناها سابقاً، إذ ستتفوّق الشركات الجديدة على القديمة فيما يخص الابتكار وقابلية التكيّف. إنّه زمن حافل بالتحديات الجسام أمام الشركات العريقة، غير أنّه يحفل بالآمال العريضة في الوقت ذاته، إذ لم يسبق توافر هذا العدد الكبير من الإمكانات التي تستطيع المؤسسات استغلالها في حال كانت قادرة على اقتناص الفرصة.
ما هي استمرارية الأعمال؟
تُعرف استمرارية الأعمال على أنها إطار عمل يتكون من خطط تساعد في ضمان استمرار عمليات الشركة عند التعرض إلى كارثة. وتوفر إدارة استمرارية الأعمال البيانات اللازمة للشركة لوضع الخطط والأطر التنظيمية الفعالة والمرنة لمواجهة التهديدات، ما يساعدها في الحفاظ على سمعتها واستمرار تدفق الإيرادات، وتُمكن الشركات من تحديث الخطط الفعالة والتحكم فيها ونشرها، من خلال تحديد القدرات التنظيمية واحتياجات العمل. إذ أدرك قادة الأعمال أهمية إدارة استمرارية الأعمال خلال جائحة كورونا، وغيرت العديد من الشركات طريقة عملها لتلائم قواعد التباعد الاجتماعي، بما ذلك إنشاء سياسات العمل عن بُعد واعتماد السحابة الإلكترونية.
خطوات تطبيق استراتيجية استمرارية أعمال ناجحة
كما قلنا أن استراتيجية استمرارية الأعمال هي نهج استباقي لإدارة المخاطر يتضمن وضع خطط وإجراءات لمساعدة الجهات على مواصلة العمل أثناء الاضطراب. ويمكن أن تتراوح هذه الاضطرابات من الكوارث الطبيعية إلى الهجمات الإلكترونية، وغيرها من الأحداث غير المتوقعة. لذلك، يجب أن يتضمن تنفيذ استراتيجية استمرارية الأعمال الناجحة نهجًا منظمًا يتضمن تحديد المخاطر المحتملة، ووضع خطة شاملة، وإنشاء فريق لإدارة الأزمات، ووضع خطة اتصال، وإجراء التدريب والاختبار، ومراجعة الخطة وتحديثها بانتظام.
الخطوة الأولى: تحديد المخاطر المحتملة
الخطوة الأولى في تطوير استراتيجية استمرارية الأعمال ناجحة هي تحديد المخاطر المحتملة. ويشمل ذلك تقييمًا شاملاً للمخاطر يأخذ في الاعتبار جميع المخاطر المحتملة، بما في ذلك الكوارث الطبيعية والهجمات الإلكترونية أو أي مخاطر أخرى خاصة بمجال عملك. فبمجرد تحديد المخاطر، يجب عليك وبشكل هام تقييم جميع الاحتمالات الممكنة لكل خطر. لأن هذه المعلومات سيتم استخدامها لتطوير الخطة الموضوعة للتخفيف من المخاطر.
الخطوة الثانية: وضع خطة شاملة لاستمرارية الأعمال
بمجرد تحديد المخاطر المحتملة وتقييمها، فإن الخطوة التالية يجب أن تكون وضع وتطوير الخطة الشاملة لاستمرارية الأعمال. فيجب أن تكون خطة استمرارية الأعمال وثيقة شاملة تحدد الخطوات التي يجب اتخاذها في حالة حدوث اضطراب في العمليات التجارية. لذلك لابد أن تشمل الخطة على ما يلي:
1- إجراءات الاستجابة للطوارئ
يجب وضع خطة واضحة ومحددة جيدًا للاستجابة لأي حالة طوارئ. يجب أن تشمل تلك الخطة جميع الإجراءات اللازمة وسريعة الفعل عند حدوث أيً من تلك المخاطر المحتملة.
2- تحليل تأثير إنقطاع الأعمال
يعد تحليل تأثير ونتائج الأعمال مكونًا حاسمًا في خطة استمرارية الأعمال. لأن هذا التحليل يتم استخدامه لتقييم التأثير المحتمل للاضطراب على عمليات المنظمة وشؤونها المالية وسمعتها وعملائها. وتُستخدم هذه المعلومات لتطوير استراتيجيات الاسترداد وتحديد أولويات استعادة وظائف العمل الهامة.
3- وضع استراتيجيات الاسترداد أو التعافي من تلك المخاطر
بمجرد تقييم التأثير المحتمل للاضطراب الناتج من الأعمال، يجب بعد ذلك العمل على تطوير استراتيجيات التعافي لمساعدة المنظمة على مواصلة العمل. لذلك لابد أن تشمل هذه الاستراتيجيات حلولًا قصيرة وطويلة المدى، مثل الانتقال إلى موقع بديل، أو تنفيذ ترتيبات العمل عن بُعد، أو الاستعانة بمصادر خارجية لوظائف العمل الرئيسية.
4- تنظيم عمليات التواصل الفعال
يعد التواصل الفعال عنصراً أساسياً في إدارة استمرارية الأعمال؛ إذ يؤكد على عنصر الشفافية في التعامل مع العملاء والموظفين وأصحاب المصلحة عند وقوع الأزمات، ويمكن تعزيز مهارات التواصل في أثناء وقوع الحوادث من خلال أتمتة مهام التواصل المتكررة، ويساعد استخدام طرق التواصل الداخلية الآمنة مثل الهاتف المحمول، أو الموقع الإلكتروني، أو الرسائل النصية أو المكالمات الصوتية في زيادة مشاركة الموظفين في صنع القرارات.
الخطوة الثالثة: تشكيل فريق إدارة الأزمات
بعد أن قمنا بوضع الخطة، يجب على القادة وأعضاء مجلس الإدارة داخل الشركة إنشاء فريق لإدارة الأزمات للإشراف على تنفيذ خطة استمرارية الأعمال التي وُضِعت. ويجب أن يتكون هذا الفريق من أفراد لديهم مجموعة من المهارات والخبرات الثقيلة، بما في ذلك الإدارة العليا ورؤساء الأقسام وموظفي تقنية المعلومات وغيرهم. وأيضاً يجب أن يكون فريق إدارة الأزمات مسؤولاً عن تنسيق الاستجابة لأي اضطراب في العمليات التجارية. ومن المهم أن يكون لدى الفريق أيضًا مجموعة واضحة من الأدوار والمسؤوليات التي يتم تحديدها جيدًا وإبلاغها لجميع أصحاب المصلحة.
الخطوة الرابعة: إجراء التدريبات والاختبارات
لن تسطيع وضع وتنفيذ استراتيجية استمرارية أعمال ناجحة داخل الجهة التي تعمل بها إلا بتغيير ثقافة جميع الموظفين داخل الجهة أو المنظمة، لذلك يعد التدريب والاختبار عنصرين حاسمين في استراتيجية استمرارية الأعمال الناجحة. ويجب تدريب جميع الموظفين على خطة استمرارية العمل وأدوارهم ومسؤولياتهم في حالة حدوث اضطراب أو شئ يشبه ذلك.
دور الشركة فى دعم المؤسسات عن طريق نظام دايم لاستمرارية الاعمال
نظراً لما تقدمه شركة أفاق من دعم للجهات والمنظمات في استمرار نجاح أعمالها، تقدم الشركة نظام “دايم” وهو نظام وطني محلى لإدارة استمرارية الأعمال، يهدف إلى تحسين قدرة المؤسسات على مواجهة الأزمات والمخاطر المحتملة، والتأكد من قدرتها على مواصلة الأعمال بأقل قدر من التعطيل للمؤسسة والعملاء وأصحاب المصلحة. ويعمل النظام على أتمتة دورة حياة إدارة استمرارية الأعمال داخل المؤسسة، وتطوير خطط التعافي من الأزمات والمخاطر، وتفادى الخسائر، وعودة الأعمال بصورة طبيعية في الوقت المحدد. تم تطوير النظام وفقاً لمعايير أيزو 22301 مع الأخذ في الاعتبار معايير الدليل الاسترشادي لاستمرارية الأعمال في الجهات الحكومية بالمملكة العربية السعودية.
خصائص نظام دايم إدارة استمرارية الأعمال
دراسة وتحليل المخاطر
تحديد المخاطر المحتملة التي قد تؤثر على استمرارية عمل المؤسسة في المستقبل، وذلك من خلال تحديد وقت التعطل المقبول لدى المؤسسة، وتحديد جوانب الأعمال الهامة والحساسة التي سوف تتأثر إذا كان هناك وقت تعطل أطول من المقبول.
تحليل أثر انقطاع الأعمال
تقييم المخاطر وتحليل التأثير المتوقع على الأعمال ومعرفة ما هي الخسائر التي سوف تتحملها المؤسسة إذا كان هناك وقت تعطل أطول، وتحديد الموارد ووظائف العمل الهامة الواجب توافرها والاستراتيجيات اللازمة لتقليل التأثير أو التعافي منه في الوقت المحدد.
التخطيط لاستمرارية الأعمال
تطوير استراتيجية استمرارية الأعمال وفقاً لنتائج تحليل المخاطر وتحليل تأثير الأعمال لكل قطاع داخل المؤسسة، بما في ذلك:
- حلول زيادة القدرة على استمرارية واستعادة الأعمال.
- إدارة التخطيط والموارد.
- تحديد معلومات الأعمال الهامة والفترة الزمنية المقبولة لوقت التعطل RTO.
ختاماً
أياً كانت الظروف، يجب على جميع الهيئات والمنظمات تسخير قوة التقنيات الحديثة لتتحلى بالاستجابة الرشيقة والقدرة على التكيف مع أي ظرف طارئ في المستقبل. كما ينبغي أن تضع خطط إدارة المخاطر في الحسبان إمكانية الاستفادة من التقنيات الحديثة والاستثمار في البنية التحتية لتقنية المعلومات إلى جانب تدريب جميع الموظفين داخل الجهة أو المنظمة على الاستعداد دائماً لاحتمالية العمل عن بُعد أو أي احتمالية ناتجة عن الخطة الصحيحة الموضوعة. رشاقة الجهات في مواجهة الظروف الاستثنائية ستحدد استمرارية أعمالها، وعليها ان تستغل ما يحدث الآن ليكون فرصة للتغيير. من الجدير بالذكر أن تقنية المعلومات لن تستبدل الموارد البشرية في الجهات، ولكن سيكون حتما ومن الضرورة في الوقت الراهن على تلك الجهات ان تستبدل الموارد البشرية الغير مؤهلة على استخدام التقنيات الحديثة.
إعداد فريق PSH شركة أفاق الجانب الإيجابي
الكلمات المفتاحية: استمرارية الأعمال، استراتيجية استمرارية الأعمال، إدارة المخاطر، الأهداف الاستراتيجية