أصبحت تقنية الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات الابتكار الوطنية للحكومات. وبالإضافة إلى ذلك يعتبر الذكاء الاصطناعي أيضاً عنصراً من عناصر النفوذ الاستراتيجي ضمن سباق دولي لتحقيق التفوق في هذا المجال. فمنذ فترة طويلة أصبح المجتمع السعودي يتقبل بدرجة كبيرة التعامل مع الأجهزة والخدمات المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي، حيث وجدت دراسة أجرتها شركة “أكسينتشر” (Accenture) للأبحاث أن 77% من الذين شملهم الاستطلاع من المجتمع السعودي أفادوا بأنهم مرتاحون للتعامل مع الخدمات والتطبيقات المدعومة بتقنية الذكاء الاصطناعي، ويعود ذلك لثلاثة أسباب رئيسية هي:

  • الوجود الدائم لهذه الخدمات على مدار الساعة.
  • سرعة الاستجابة للأوامر والاستفسارات.
  • التعامل الجيد واللبق في الرد على الاستفسارات.

وهذا يعود إلى ريادة المملكة العربية السعودية في تبني أحدث التقنيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي منذ فترة طويلة، حيث أصبحت معظم الخدمات في البلاد تقريباً مؤتمتة، خاصة تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتقنيةته التي تُسهّل على حجاج بيت الله أداء مناسكهم بكل سهولة وأمان، مثل آلية إدارة التفويج الذكي لقطار المشاعر المقدسة، التي تعمل على متابعة الحشود باستخدام تقنية الرؤية الحاسوبية (Computer Vision)  لتحليل الحركة في جميع أدوار القطار والمسارات الرئيسية المؤدية له.

الاستفادة من ثورة البيانات

غالبًا ما يشار إلى البيانات باسم النفط الجديد، وقد أدركت المملكة العربية السعودية، باعتبارها دولة رئيسية منتجة للنفط، أهمية البيانات في قيادة الاقتصاد الرقمي. حيث نفذت الحكومة عدة مبادرات لتحسين جمع البيانات وتحليلها، بما في ذلك إنشاء مركز المعلومات الوطني ووضع استراتيجية وطنية للبيانات.

ونظراً إلى أن البيانات هي الوقود الرئيسي لتمكين عمل تقنية الذكاء الاصطناعي، فإن إنشاء منصات متكاملة لجمعها وتحليلها يُعد أمراً بالغ الأهمية. بالإضافة إلى ذلك، تسمح الرقمنة للكيانات العامة بجمع متزايد للبيانات من قبل السلطات العامة. حيث قدرت SDAIA (الهيئة العامة للبيانات والذكاء الاصطناعي) قيمة البيانات في المملكة واقتصاد الذكاء الاصطناعي بما يتراوح بين 4 – 5 مليارات دولار، مع وجود فرصة لتوليد إيرادات حكومية إضافية ومدخرات تزيد على 10 مليارات دولار أميركي من خلال تسخير رؤى البيانات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في توجيه قرارات الحكومة.

وحتى الآن، أحرزت (SDAIA) الكثير من التقدم للاستفادة من هذه البيانات، حيث أنشأت بنك بيانات وطنياً وحد بيانات أكثر من 190 جهة حكومية، كما تهدف الهيئة إلى بناء واحدة من أكبر مركز بيانات للخدمات السحابية في المنطقة العربية بالشراكة مع خدمة جوجل السحابية (Google Cloud) والمتوقع لها أن تكون في مدينة الدمام، وذلك من أجل دمج أكثر من 83 مركز بيانات مملوكة لأكثر من 40 جهة حكومية، واستخدام البيانات التي تم تحليلها بواسطة الذكاء الاصطناعي للكشف عن الفرص التي يمكن أن تولد المزيد من الإيرادات الإضافية.

لا يقتصر إطار رؤية السعودية 2030 على تنويع اقتصاد البلاد فحسب، بل تطمح المملكة العربية لتنفيذ عملية انتقال واسع النطاق لهيكلها الاقتصادي بشكل عام نحو حقبة جديدة من الحوكمة القائمة على الذكاء الاصطناعي لتكون واحدة من أكثر البلدان تنافسية من حيث الابتكار العلمي.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أعلنت الحكومة السعودية عن استثمار ما يصل إلى 20 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي حتى حلول عام 2030، كما تهدف الحكومة إلى الاستثمار في القوى العاملة المحلية من خلال تدريب وتطوير مجموعة تضم 20 ألف خبير في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات، 5000 منهم سيتم تزويدهم بمهارات قوية وسيكونون مؤهلين تأهيلاً عالياً بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (NSDAI) التي أُعلن عنها في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي استضافتها المملكة في عام 2020.

أهمية البيانات والذكاء الاصطناعي في رفع مؤشر التحول الرقمي داخل المملكة

تعتبر المملكة واحدة من الدول التي تسعى جاهدة لتحقيق التحول الرقمي، وتسعى إلى استخدام التقنية الحديثة في جميع جوانب الحياة وفي مختلف القطاعات. ويعتبر البيانات والذكاء الاصطناعي من أهم المجالات والعوامل الرئيسية التي يمكن أن تلعب دورًا هامًا في تعزيز التحول الرقمي للمملكة.

إن تحديد البيانات الهامة وتحليلها بشكل صحيح يعتبر أساساً هاماً في جميع القطاعات الاقتصادية، بما في ذلك الصناعة، والخدمات المالية وغيرها. وعندما يتم استخدام تلك البيانات بشكل صحيح، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف وزيادة الإيرادات.

ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل تلك البيانات التي توفرت ومن ثم استخلاص المعلومات الهامة منها بشكل أسرع وأكثر فعالية. ويمكن استخدام هذه المعلومات لاتخاذ القرارات الاستراتيجية في الأعمال التجارية وتحسين عمليات الإنتاج، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي أيضاً لتحسين الخدمات الحكومية وتسهيل الإجراءات الإدارية وتحسين تجربة المستخدمين.

تمتلك المملكة القدرة على تحقيق نجاحات كبيرة في استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي في رفع مؤشر التحول الرقمي للدولة، وهذا يتطلب توفير البيئة الملائمة والاستثمار في التقنيات الحديثة وتدريب الكوادر البشرية على استخدام هذه التقنيات وتحليل البيانات بشكل صحيح.

ومن خلال تحسين استخدام البيانات والذكاء الاصطناعي، يمكن للمملكة العربية السعودية تحسين مستوى خدماتها وزيادة فرص النمو الاقتصادي، وتعزيز التنافسية على المستوى الدولي.

مستقبل الذكاء الاصطناعي في السعودية

لا يقتصر إطار رؤية السعودية 2030 على تنويع اقتصاد البلاد فحسب، بل تطمح المملكة العربية لتنفيذ عملية انتقال واسع النطاق لهيكلها الاقتصادي بشكل عام نحو حقبة جديدة من الحوكمة القائمة على الذكاء الاصطناعي لتكون واحدة من أكثر البلدان تنافسية من حيث الابتكار العلمي.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أعلنت الحكومة السعودية عن استثمار ما يصل إلى 20 مليار دولار في مشاريع الذكاء الاصطناعي حتى حلول عام 2030، كما تهدف الحكومة إلى الاستثمار في القوى العاملة المحلية من خلال تدريب وتطوير مجموعة تضم 20 ألف خبير في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات، 5000 منهم سيتم تزويدهم بمهارات قوية وسيكونون مؤهلين تأهيلاً عالياً بما يتماشى مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي (NSDAI) التي أُعلن عنها في القمة العالمية للذكاء الاصطناعي التي استضافتها المملكة في عام 2020.

ختاماً، يكشف حجم الجهود والاستثمار المؤسسي والاقتصادي للمملكة العربية السعودية حول التبني الشامل لتقنية الذكاء الاصطناعي عن واقع طموح للغاية، وعن سعي الحكومة السعودية الجاد في الحصول على مكان في الساحة العالمية للابتكار والدخول بشكل كامل في نموذج جديد للحوكمة والتحول الرقمي بشكل مبسط ومبتكر ومدعوم بالكامل بتقنية الذكاء الاصطناعي.

الكلمات المفتاحية: الذكاء الاصطناعي، البيانات، التحول الرقمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

* * *