Table of Contents
من المستحيل تجاهل حقيقة أنّ التقدم في الذكاء الاصطناعي يغيّر طريقة قيامنا بوظائفنا الحالية. حيث يكشف تقرير معهد “بروكنجز” للبحوث الصادر في العام الماضي أن الذكاء الاصطناعي لن يسيطر على كافة وظائف البشر، لكن من المرجح أن يسيطر على أكثر من 25% منها؛ حيث إن 36 مليون أميركي تقريباً يشغلون وظائف “عالية التعرّض” للسيطرة عليها من قِبل الذكاء الاصطناعي. فما أبرز الوظائف الأكثر عرضة لاستيلاء الذكاء الاصطناعي عليها؟
في ظل الأثار الناجمة عن جائحة “كوفيد-19″، قامت الهيئات والمؤسسات في العالم بتسريع اعتمادها علي التقنيات المتطورة، وفي ظل هذا التسريع نجد أن الأتمتة تعمل وبشكل أساسي علي إحداث تغيير جذري في كافة الجانب، سواء كان جانب العمل أو حتي الحياة اليومية، نجد ذلك بكل وضوح في العديد من المعاملات التي نستخدم فيها خدمة الدفع بدون تلامس وغيرها من الاشياء، وقد يري المستهلكون أن هذا يصب في مصلحتهم، بسبب أن الاعتماد علي الذكاء الاصطناعي والخوارزميات والآلات الخالية من العيوب وتجنب التعامل مع الطبيعة البشرية يؤدي لخدمة أفضل وأسرع وأرخص، ولكن! ما الذي سيحصل للعاملين الذين فنوا مجهوداتهم على تقديم تلك الخدمات في يوم من الأيام؟ هل يمكنهم أيضاً أن يستفيدوا من هذا التقدم التكنولوجي؟ وإذا كانت الإجابة نعم.. فكيف سيحدث ذلك؟
دور الذكاء الاصطناعي في التأثير على الوظائف
غالباً ما يُنظر للتأثير الناجم عن الذكاء الاصطناعي علي سوق الأعمال علي أنه سوف يقوم بتدمير بعض الوظائف القائمة أو خلق وظائف جديدة كلياً، وبالنسبة لخبراء الاقتصاد، نجد أنهم يتعاملون مع الذكاء الاصطناعي علي أنه أداة تقوم بتثبيت العاملين في وظائف جديدة أو تشريدهم، وإذا تسبب الذكاء الاصطناعي في تشريد العاملين، هذا يؤدي بالطبع لاختفاء بعض الوظائف تماماً، أما إذا قام عن طريق التأثير الناجم عنه باستحداث وظائف جديدة فإن هذا سيؤدي لخلق فرص عمل أكبر، ولكن في ظل هذا الانقسام يُطرح سؤال هام جداً وهو هل يستطيع الذكاء الاصطناعي فعلا أن يخلق وظائف جديدة بدلاً من تدمير بعض الوظائف القائمة كلياً؟
في تقدير “المنتدى الاقتصادي العالمي” فإن الوظائف الجديدة التي سيأتي بها الذكاء الاصطناعي ويستحدثها في العالم بحلول عام 2025 ستتغلب على الوظائف التي يمكن له تدميرها بفرق لا يقل عن 12 مليون وظيفة، وبالطبع يُعتبر هذا مؤشر إيجابي على أن الأتمتة والذكاء الاصطناعي سيفيد المجتمع ككل على المدي البعيد.
تشات جي بي تي (ChatGPT) وتأثيره على الوظائف
تشات جي بي تي (ChatGPT) هو بوت دردشة مدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكنه إنشاء نصوص بلغة طبيعية حول مواضيع مختلفة، وله العديد من التطبيقات في مختلف الصناعات والوظائف. وفقاً لبعض الباحثين، يمكن أن يؤثّر هذا البوت على العديد من الوظائف، خاصةً تلك التي تتضمن الكتابة والبرمجة وتحليل البيانات والترجمة والعلاقات العامة والصحافة.
يتمتع تشات جي بي تي بقدرات مذهلة، حيث يقول مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي أوبن أيه آي (OpenAI)، وهو المختبر الذي طوّر البوت، إنه تفوق على 90% من طلاب القانون، وأنه اجتاز بالفعل أصعب الاختبارات التي وٌضعت للطلاب في كليات مثل الطب والهندسة في أوائل الجامعات داخل التصنيف العالمي
وفي دراسة أجراها باحثون في (OpenAI) بالتعاون مع باحثين من جامعة بنسلفانيا الأميركية، تبيّن أن معظم الوظائف تتأثر بدرجة معينة ببوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
يعود هذا التأثير إلى القدرات التي تتمتع بها تلك البوتات، فهي قادرة على كتابة المقالات والإعلانات ورسائل البريد الإلكتروني بطريقة سليمة لا تختلف عن البشر، بالإضافة إلى كتابة التعليمات البرمجية.
وقد أكدت الدراسة أن تشات جي بي تي يمكن أن يؤدي اليوم نحو 50% من المهام التي يقوم بها 19% من الموظفين. واستنتجت الدراسة نفسها أيضاً أن نحو 80% من الوظائف قد تتأثر بنسبة تزيد على 10%، وهذا ما أكده عالم الذكاء الاصطناعي في شركة إنفيديا جيم فان بتغريدة على تويتر.
وجدت الدراسة أيضاً أن الوظائف ذات الأجور الأعلى، والتي عادةً ما تشمل القيام بأكثر من مهمة واحدة باستخدام برامج الحاسوب، مهددة أكثر من غيرها. من بين هذه الوظائف الترجمة وكتابة الشعر والأغاني والمقالات والعلاقات العامة وإعداد الضرائب والمحاسبة والمراجعة والصحافة.
هل سيساهم الذكاء الاصطناعي والروبوتات في رفع الأجور؟
في النظرية الاقتصادية الكلاسيكية، يوجد افتراض أن الأجور دائماً ما تتحدد بناءً علي على العرض والطلب، وإذا تتطلبت الوظائف مهارات خاصة من المتقدمين، فبالتالي تزيد الأجور لأن أغلب الناس لن يستطيعوا تلبية هذه المهارات أو المطالب، وأيضاً سترتفع الأجور عندما يكون هناك ندرة في العمالة وذلك بغض النظر عن المهارات المطلوبة، لأن المتاح في السوق في هذا الوقت من العمالة عدداً قليلاً..
وهذا يبين بوضوح أسباب حصول مثلاً المبرمجين علي أجور أعلي من العاملين في الأشياء الحرفية، إذ يتطلب العمل في البرمجة الحصول علي دورات تدريبية مكثفة مدفوعة الأجر والتطبيق العملي لما يدرسه المتعلم في الدورات، وفي بحث حول هذا الأمر قام به الراحل “آلان كروجر“، فقد وجد أن العاملين البارعين الذين واكبوا ركب تطور الذكاء الاصطناعي والأتمتة تزيد أجورهم عن غيرهم بنسبة 10:15%، ويؤكد هذا الأمر أيضاً المؤرخ الاقتصادي العظيم “جيمس بيسن” حيث يقول: ” لقد ارتفعت الاجور 10 أضعاف القرنين الماضيين والسبب الرئيسي في هذا هو التطور التقني، ويقول أن هذا حدث بسبب الضعف في مستوي العديد من العاملين في الذكاء الاصطناعي.
شركات قديمة وأفكار جديدة
هيمنت شركة جوجل على سوق البحث على الإنترنت لسنوات. حيث يقول عالم الحاسوب، شيراغ شاه (Chirag Shah)، الذي يدرس تكنولوجيات البحث في جامعة واشنطن: “اتسمت هيمنة جوجل على هذا المجال بالاستقرار لفترة طويلة، وعلى الرغم من صدور العديد من الابتكارات الجديدة، فإن هيمنة جوجل على هذا المجال لم تتأثر كثيراً”.
لكن تغير ذلك مع إطلاق نموذج تشات جي بي تي في شهر نوفمبر 2022. فجأة، أصبحت عملية البحث عن مختلف المواضيع من خلال كتابة سلسلة من الكلمات غير المترابطة تبدو قديمة الطراز. ماذا يمنع أن نطلب من محرك البحث عرض النتائج التي نريدها بشكلٍ مباشر؟
يقول عالم الحاسوب، إيدو ليبرتي (Edo Liberty)، الذي شغل منصب قائد مختبر الذكاء الاصطناعي في شركة أمازون (Amazon) وهو الآن الرئيس التنفيذي لشركة باين كون (Pinecone) التي تصمم قواعد البيانات لمحركات البحث، إن العاملين في هذا المجال مفتونون بفكرة المزج بين بوتات الدردشة ومحركات البحث، ويقول: “إنه مزيج مثالي “
عملت شركة جوجل على دراسة فكرة استخدام النماذج اللغوية الكبيرة (وهي التكنولوجيا التي تعتمد عليها بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي وبارد) منذ زمن. ولكن عندما ازداد رواج نموذج تشات جي بي تي كثيراً، اتخذت كلٌّ من جوجل ومايكروسوفت بعض الخطوات العملية.
ختاماً
يتقدم الذكاء الاصطناعي بشكل متسارع في عالمنا اليوم، حيث أصبح بديلاً للعديد من المهمات التي كان يؤديها البشر، فيما قد يهدد وظائف أخرى ما يعني استبدال بعض الموظفين مع تولي الذكاء الاصطناعي لأدوارهم.
يمكنك معرفة المزيد حول خدمة الذكاء الاصطناعي المقدمة من شركة أفاق الجانب الايجابي عن طريق: https://bit.ly/3JQJWN8
إعداد فريق PSH شركة أفاق الجانب الايجابي
الكلمات المفتاحية: الذكاء الاصطناعي، الأتمتة، التحول الرقمي، ChatGPT