Table of Contents
مرّ قطاع الأعمال و”القطاع الصناعي” بمرحلة صعبة للغاية في العامين الأخيرين، جراء جائحة “كوفيد-19” التي باغتت اقتصادات العالم. وفي حين توقفت شركات بأكملها عن العمل، فإن شركات أخرى استطاعت تجاوز الأزمة وكأنها لم تحدث، بل تمكنت من الوصول إلى مراكز متقدمة في السباق التنافسي. وهذا ما يفسره أندرو غروف، الرئيس التنفيذي السابق لشركة “إنتل” حينما قال: “الشركات الضعيفة تدمرها الأزمات، والشركات القوية تتجاوز هذه الأزمات، أما الشركات الرائعة فتستفيد منها”.
مثلت “الأتمتة” أحد أهم أسرار هذه الشركات الرائعة، ومفتاح استمراريتها، سواء من تبنوها مبكراً قبل الجائحة، أو من رأوا فيها فرصةً لتجاوز هذه المحنة العالمية، حيث أظهرت دراسة تحليلية حديثة أن البلدان التي اعتمدت على الأتمتة كانت أفضل جاهزية للتعامل مع أزمة الركود الاقتصادي جراء الجائحة.
ففي عصرنا الحالي تعد التقنية هي العنصر الأهم في جميع المجالات في نواحي سوق العمل، وذلك لأنها العامل الأساسي للرفع من مستوى الأعمال، وتسهم أيضاً في تسهيلها وتنظيمها واتقانها، حتى في مجالات الإستراتيجية والحوكمة والتحول الرقمي وغيرها، وفي هذا المقال سنتحدث حول كل ما يخص تأثير الأتمتة على إنجاز الأعمال وتحسين الإنتاجية
التأثير الإيجابي للأتمتة على إنجاز الأعمال وتحسين الإنتاجية
- زيادة الكفاءة
أتاحت الأتمتة للعالم فرصة إكمال المهام في وقت أقصر بكثير من سابق عصرها، وذلك مع عدد أقل من الأخطاء. على سبيل المثال، يمكن لخطوط التجميع المؤتمتة أن تنتج سلعًا بشكل أسرع وأكثر اتساقًا من العمال البشريين. لذلك، تُترجم هذه الكفاءة المتزايدة إلى إنتاجية أعلى، مما يؤدي في النهاية إلى أعمال أكثر تنافسية.
- تكاليف أقل
يمكن للعمليات المؤتمتة أن تقلل التكاليف بشكل كبير عن طريق تقليل الحاجة إلى العمالة البشرية. هذا لا يوفر فقط أموال الشركات، ولكنه يتيح لها أيضًا أن تظل قادرة على المنافسة من خلال تقديم أسعار أقل للعملاء. على سبيل المثال، عندما تم الدفع بآلات الدفع الذاتي في محلات السوبر ماركت، ألغت الحاجة إلى وجود الصرافين البشريين، مما أدى ذلك إلى انخفاض تكاليف العمالة في المتجر.
- تحسين جودة وعمليات الإنتاج
عادةً ما تكون العمليات الآلية أكثر دقة واتساقًا من العمليات التي تتم على أيدي البشر. وبالطبع هذا يؤدي إلى منتجات وخدمات عالية الجودة، والتي يمكن أن تمنح الشركات ميزة تنافسية على منافسيها. فعلى سبيل المثال، يمكن لأنظمة مراقبة الجودة الآلية اكتشاف أصغر العيوب في المنتج والتي يمكن أن تكون صعبة جداً على الرؤية بالعين المجردة، مما يضمن إرسال العناصر عالية الجودة فقط إلى العملاء وتحسين تجربة المستخدم لتلك المنتجات.
- زيادة المرونة
يمكن برمجة الأنظمة الآلية للتعامل مع مجموعة واسعة من المهام، مما يجعلها أكثر تنوعًا بكثير من العاملين البشريين. وتسمح هذه المرونة للشركات بالتكيف بسرعة مع ظروف السوق المتغيرة. فعلى سبيل المثال، يمكن لمصنع يستخدم الروبوتات لتجميع المنتجات إعادة برمجتها بسهولة لإنتاج منتج مختلف إذا زاد الطلب على هذا المنتج فجأة!
- تقليل المخاطر
يمكن أن تقلل العمليات الآلية بشكل كبير من مخاطر الحوادث والإصابات في مكان العمل. هذا لا يحمي العمال فحسب، بل يحفظ أيضًا الشركات من الدعاوى القضائية المحتملة والمسائل القانونية الأخرى. على سبيل المثال، يمكن للمركبات ذاتية القيادة المستخدمة في صناعة النقل أن تقلل بشكل كبير من مخاطر الحوادث الناجمة عن الخطأ البشري، وبالقياس، على باقي مجالات العمل يمكن للأتمتة تقليل تلك المخاطر بشكل واضح وفعال.
كيف رفعت الأتمتة مستوى الإنتاجية في القطاع الصناعي؟
أعادت الأتمتة بمفهومها الحديث تشكيل ملامح جميع القطاعات، إذ لم يعد عمل الروبوتات قاصراً فقط على إنجاز المهام البدنية والروتينية بشكل أفضل وأرخص من البشر فحسب، وإنما صارت قادرة بشكل متزايد على إنجاز الأنشطة التي تتضمن القدرات المعرفية التي كان يُنظر إليها في السابق على أنه من الصعب أتمتتها. لذا تسعى الشركات والحكومات بشكل متزايد إلى الاعتماد على الأتمتة لزيادة إنتاجيتهم، إذ يُقدر تقرير لشركة “ماكنزي آند كومباني” أن الأتمتة يمكن أن تزيد من نمو الإنتاجية على مستوى العالم بنسبة 0.8 إلى 1.4% سنوياً.
ووجد التقرير الصادر عام 2017 أن ما يقرب من نصف الأنشطة التي يتقاضى الأشخاص أجوراً مقابل القيام بها- نحو 16 تريليون دولار أميركي- يمكن أتمتتها، ما يتيح للبشر توفير وقتهم للمزيد من المهام ذات المستوى الفكري الأعلى. وصرح 53% من الموظفين أنه يمكنهم توفير ما يصل إلى ساعتين من العمل يومياً (240 ساعة في السنة) من خلال الأتمتة، بينما أفاد 78% من قادة الأعمال أن الأتمتة يمكنها توفير ما يصل إلى 3 ساعات عمل في اليوم (360 ساعة في السنة)، وذلك خلال دراسة أجرتها شركة “وورك ماركت” (WorkMarket) خلال عام 2020، شمل 200 شخص من قادة الأعمال و200 موظف في أربع صناعات رئيسية: الإعلام والنشر، والخدمات المالية والتأمين، والاتصالات، وتجارة التجزئة للشركات.
ورغم أن الأتمتة تثير المخاوف لدى الكثيرين بشأن إحلال الآلة محل البشر، فإن المنتدى الاقتصادي العالمي يُقدر أن عدد الوظائف الجديدة التي ستوفرها الأتمتة بحلول عام 2025 ستفوق الوظائف التي ستدمرها بفارق لا يقل عن 12 مليون وظيفة. لذا، فوفقاً لمقال بعنوان: “الثورة الصناعية الرابعة: لماذا نحن على شفا تحول مثير في عالم الأعمال؟“، فإن الأتمتة ستمثل تحولاً مثيراً سيمكّن الإنسانية من أن تكون أكثر إنتاجية وأكثر ابتكاراً في كيفية حل المشاكل والمقاربات المتبعة تجاه العمل.
ختاماً
تطبيق المؤسسات الحكومية والشركات للأتمتة يمنحها جاهزية أفضل للتعامل مع الاضطرابات الاقتصادية العالمية، مثل الركود أو جائحة كورونا. وهذا ما حدث مع وزارة الصناعة والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية حين دشنت منصة “ابتداء” سعياً منها إلى تسهيل رحلة المستثمرين مقدمين تجربة أكثر سهولة وملائمة جامعة للمستثمرين وأصحاب الأعمال. وينصب ذلك الجهد نحو أتمتة الكثير من العمليات والتي تسهم بشكل مباشر في رفع جودة الخدمات وتطويرها بالتوافق مع توجهات المملكة المتبنية لمفهوم التحول الرقمي الضامن لاستمرارية الأعمال ووضوحها للمستثمرين وأصحاب الأعمال عموماً. لم تعد الأتمتة سبيلاً اختيارياً يمكن للشركات التردد بشأن تبنيه، وإنما نهج أساسي للحكومات والشركات لاكتساب ميزة تنافسية مستدامة. وإن كانت بعض الشركات ما زالت مترددة بشأن التوقيت اللازم لتبنيها والاعتماد عليها، فقد أثبتت الجائحة أن ما توقع البشر الوصول إليه في سنوات، أصبح أمراً واقعاً لا غنى عنه في شهور قليلة.
إعداد فريق PSH شركة أفاق الجانب الايجابي
الكلمات المفتاحية: الأتمتة، إستمرارية الأعمال، الاستراتيجية، التحول الرقمي