شهد عام 2023 الكثير من الأحداث الصعبة التي أدت إلى أزمات إقتصادية عديدة، وبالطبع كان أكثر الأسباب الأساسية لتلك الأحداث الصعبة هي حرب أوكرانيا التي ولدت تأثيراً عميقاً على العالم بأسره، بما في ذلك الأمن الغذائي العالمي. وذلك لأن أوكرانيا وروسيا هما من أكبر مصدري الأرز في العالم، وتوقف الصادرات من هاتين البلدين سيؤدي بالطبع إلى نقص في الإمدادات العالمية. والذي من شأنه أن سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الأرز، مما سيلحق الضرر بالمستهلكين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في البلدان النامية التي تعتمد على الأرز كمصدر رئيسي للغذاء.

أزمة الأرز لعام 2023 وأسبابها

يتوقع أن يسجل سوق الأرز العالمي في العام 2023 أكبر عجز له منذ عقدين، ما سيدفع بالأسعار نحو الارتفاع بشكل كبير ويؤثر على نحو 3.5 مليار شخص حول العالم، وخصوصًا في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تستهلك 90% من الأرز في العالم.

حيث بلغ متوسط سعر الأرز 17.30 دولارًا للطن الواحد خلال عام 2023 حتى الآن، وسوف يتراجع فقط إلى 14.50 دولارًا للطن الواحد في عام 2024، وذلك حسب تقرير صادر عن Fitch Solutions Country Risk & Industry Research.

وقال محللون لشبكة سى إن بى سى إن عجز بهذا الحجم لواحدة من أكثر الحبوب زراعة في سيضر بالمستوردين الرئيسيين، وقال تشارلز هارت محلل السلع في شركة فيتش: “على المستوى العالمي، كان التأثير الأكثر وضوحًا لعجز الأرز العالمي ولا يزال ارتفاع أسعار الأرز منذ عقد”. وقال هارت: “بالنظر إلى أن الأرز هو السلعة الغذائية الأساسية في العديد من الأسواق في آسيا ، فإن الأسعار هي المحدد الرئيسي لتضخم أسعار الغذاء والأمن الغذائي ، خاصة بالنسبة للأسر الأشد فقراً”.

وتسبب في تلك الأزمة العديد من العوامل مثل:

  1. الحرب في أوكرانيا

كانت الحرب في أوكرانيا أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى أزمة الأرز العالمية. وذلك بالطبع لأن أوكرانيا هي واحدة من أكبر منتجي القمح والذرة في العالم، وهما من المحاصيل الرئيسية التي تستخدم في إنتاج الأرز. أدت الحرب إلى تعطيل الإنتاج الزراعي في أوكرانيا، مما أدى إلى انخفاض المعروض العالمي من الأرز.

  • أزمة باكستان

وبالمثل ، فإن باكستان – التي تمثل 7.6% من تجارة الأرز العالمية – شهدت انخفاضًا في الإنتاج السنوي بنسبة 31% على أساس سنوي بسبب الفيضانات الشديدة العام الماضي ، حسبما قالت وزارة الزراعة الأمريكية (USDA) ، واصفة التأثير بأنه “أسوأ من التوقعات.”

وأشار هارت إلى أن هذا النقص يرجع جزئيا إلى التدهور السنوي في محصول البر الرئيسي الصيني بسبب الحرارة الشديدة والجفاف وكذلك تأثير الفيضانات في باكستان.

ماذا فعلت المملكة لتخطي تلك الأزمة؟

بالطبع كما تأثرت أغلب دول العالم بتلك الأزمة، كانت أيضاً المملكة واحدة من تلك الدول وخاصة أنها من أكبر مستوردي الأرز في العالم، ولكن بالقيادة الحكيمة، استطاعت المملكة التغلب على هذه الأزمة بالعديد من القرارات الهامة التي اتخذتها مثل:

  • زيادة إنتاج الأرز المحلي.
  • تنويع مصادر واردات الأرز.
  • إنشاء مخزون إستراتيجي من الأرز.
  • تقديم الدعم المالي للمزارعين.
  • مراقبة أسعار الأرز واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استقرارها.

وبالطبع نتيجة لهذه الإجراءات، تمكنت المملكة العربية السعودية من التخفيف من آثار أزمة أسعار الأرز العالمية، والحفاظ على إمدادات الأرز واستقرار أسعاره.

دور هيئة الغذاء والدواء في إنقاذ تلك الأزمة؟

في ظل تلك الأزمة، لعبت هيئة الغذاء والدواء السعودية دوراً مهماً في حلها، من خلال عدة إجراءات، منها:

  1. ضمان توفر الأرز في الأسواق المحلية: حيث اتخذت الهيئة إجراءات عديدة لضمان توفر الأرز في الأسواق المحلية، وذلك من خلال التنسيق مع الجهات المختصة، وزيادة الرقابة على الأسواق، وتعزيز التعاون مع الدول المصدرة للأرز.
  2. ضبط الأسعار: عملت الهيئة على ضبط أسعار الأرز في الأسواق، من خلال مراقبة الأسعار بشكل مستمر، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين.
  3. تعزيز التوعية: قامت الهيئة بتعزيز التوعية بأهمية الأرز من خلال حملات التوعية، والتواصل مع الجهات الإعلامية.

وقد أسهمت تلك الإجراءات في استقرار أسعار الأرز في الأسواق السعودية، وحماية الأسر السعودية من ارتفاع الأسعار.

وفيما يلي شرح مفصل لهذه الإجراءات:

ضمان توفر الأرز في الأسواق المحلية:

قامت الهيئة بالتنسيق مع الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة التجارة، والهيئة العامة للموانئ، ووزارة الزراعة، لضمان توفر الأرز في الأسواق المحلية. وقد أسفرت هذه الجهود عن زيادة المخزون الاستراتيجي من الأرز في المملكة بنسبة 20%.

بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة بزيادة الرقابة على الأسواق، للتأكد من توافر الأرز، وعدم وجود احتكار أو تلاعب في الأسعار. وقد أسفرت هذه الرقابة عن ضبط عدد من المخالفين، وفرض العقوبات عليهم.

ضبط الأسعار:

قامت الهيئة بمراقبة أسعار الأرز في الأسواق بشكل مستمر، لضمان عدم ارتفاعها بشكل غير مبرر. وقد أصدر مجلس الوزراء السعودي قراراً بتحديد سعر الأرز، وذلك لمنع ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.

بالإضافة إلى ذلك، قامت الهيئة باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المخالفين، الذين يرفعون أسعار الأرز بشكل غير مبرر. وقد أسفرت هذه الإجراءات عن ضبط عدد من المخالفين، وفرض العقوبات عليهم.

تعزيز التوعية:

قامت الهيئة بتعزيز التوعية بأهمية الأرز من خلال حملات التوعية، والتواصل مع الجهات الإعلامية. وقد هدفت هذه الحملات إلى توعية المواطنين بأهمية الأرز في النظام الغذائي السعودي، وضرورة عدم تخزينه بشكل كبير.

وفيما يلي بعض النتائج التي حققتها هيئة الغذاء والدواء السعودية في حل أزمة الأرز:

  1. استقرار أسعار الأرز في الأسواق السعودية: انخفضت أسعار الأرز في الأسواق السعودية بشكل ملحوظ، حيث انخفض سعر كيلو الأرز البسمتي الهندي من 75 ريالاً سعودياً إلى 65 ريالاً سعودياً.
  2. حماية الأسر السعودية من ارتفاع الأسعار: ساهمت الإجراءات التي اتخذتها هيئة الغذاء والدواء السعودية في حماية الأسر السعودية من ارتفاع أسعار الأرز، حيث ساهمت في توفير الأرز بأسعار معقولة.
  3. تعزيز الأمن الغذائي السعودي: ساهمت إجراءات هيئة الغذاء والدواء السعودية في تعزيز الأمن الغذائي السعودي، حيث ساهمت في زيادة المخزون الاستراتيجي من الأرز، وضمان توفره في الأسواق المحلية.

وبشكل عام، فقد لعبت هيئة الغذاء والدواء السعودية دوراً مهماً في حل أزمة الأرز داخل المملكة، وذلك من خلال عدة إجراءات، منها ضمان توفر الأرز في الأسواق المحلية، وضبط الأسعار، وتعزيز التوعية.

كيف استفادت المملكة من ادارة المخاطر والبيانات لإدارة تلك الأزمة؟

استطاعت المملكة العربية السعودية حل أزمة أسعار الأرز العالمية لعام 2023 من خلال إدارة المخاطر والتخطيط والبيانات.

إدارة المخاطر

قامت المملكة العربية السعودية بإدارة المخاطر من خلال مراقبة أسعار الأرز العالمية وتوقع السيناريوهات المحتملة. كما قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء مخزون استراتيجي من الأرز لضمان عدم حدوث نقص في الأرز في السوق المحلي.

التخطيط

قامت المملكة العربية السعودية بالتخطيط لأزمة أسعار الأرز العالمية من خلال زيادة الإنتاج المحلي للأرز وتوقيع اتفاقيات تجارية مع الدول المنتجة للأرز. كما قامت المملكة العربية السعودية بإنشاء صندوق لمساعدة المزارعين في الدول التي تضررت من الأزمة.

البيانات

قامت المملكة العربية السعودية باستخدام البيانات لاتخاذ قرارات ذكية بشأن أزمة أسعار الأرز العالمية. قامت المملكة العربية السعودية بجمع البيانات من مصادر مختلفة ، بما في ذلك الأسواق العالمية ومزارعي الأرز والبنوك التجارية. استخدمت المملكة العربية السعودية هذه البيانات لتحليل الوضع واتخاذ الإجراءات اللازمة.

الدور المستقبلي للمملكة العربية السعودية في أسواق الأرز

تتمتع المملكة بإمكانيات كبيرة للعب دور رئيسي في أسواق الأرز العالمية. حيث تمتلك المملكة العربية السعودية موارد طبيعية ضخمة، بما في ذلك الأراضي والمياه، مما يجعلها قادرة على إنتاج كميات كبيرة من الأرز. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك المملكة العربية السعودية موقعًا جغرافيًا استراتيجيًا، مما يسهل لها الوصول إلى الأسواق العالمية.

لذلك، تسعى المملكة إلى زيادة إنتاجها من الأرز إلى 12 مليون طن بحلول عام 2030. كما تسعى المملكة أيضاَ إلى تصدير كميات كبيرة من الأرز إلى الأسواق العالمية. حيث تعتقد المملكة العربية السعودية أن لديها القدرة على أن تصبح لاعبًا رئيسيًا في أسواق الأرز العالمية، وأن تساهم في استقرار أسعار الأرز العالمية.

الخلاصة

تمكنت المملكة العربية السعودية من التخفيف من آثار أزمة أسعار الأرز العالمية، والحفاظ على إمدادات الأرز واستقرار أسعاره. وحدث ذلك بسبب الإهتمام الشديد بإدارة المخاطر والتخطيط والبيانات كدورًا رئيسيًا في نجاح المملكة العربية السعودية في حل هذه الأزمة.

الكلمات المفتاحية: ادارة المخاطر، البيانات، التخطيط، أزمة الارز، رؤية 2030

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

* * *